الموقع الجغرافي

يقطن أبناء قبيلة الظهوريين الجزء الشمالي من إمارة رأس الخيمة ومنطقة رؤوس الجبال شمالا حتى السواحل المطلة على مضيق هرمز.. بالإضافة إلى مدينة دبا الحصن التابعة لإمارة الشارقة

ومنطقة رؤوس الجبال هي اسم لبداية المنطقة الجبلية التي تشكل جبال عمان وجبال دولة الإمارات العربية المتحدة ، وسبب تسميتها هكذا لأنها تبدو وكأنها تنبعث من داخل الخليج العربي وفي مدخله وفمه فهي ترتفع عن البحر فجأة فتشكل رأس وبداية الجبال العمانية و الإماراتية، وهي بهذا الموقع تشكل حاجزا طبيعيا يفصل ما بين مياه الخليج العربي ومياه خليج عمان

وتبدأ ديار أبناء قبيلة الظهوريين من مدينة دبا الحصن في خط ساحلي رملي إلا أنه يبدأ في الارتفاع ويصبح صخريا ثم جبليا كلما اتجهنا شمالا ليصل إلى خور الحبلين الممتد حتى غبة الغزيرة

وغبة الغزيرة هذه أسماها الأجانب (خليج مالكولم) وهي على شكل ذراع بحري يشكل ثغرة في خط الساحل الشرقي لمنطقة رؤوس الجبال وعرض الخليج عند المدخل ثلاثة أميال وامتداده للداخل من شرق الجنوب الشرقي إلى غرب الشمال الغربي تسعة أميال ويفصل رأسها عن خور الشم في الخليج العربي برزخ صغير يسمى مقلب

ويحيط بخور الحبلين وغبة الغزيرة (خليج مالكولم) من جميع جوانبهما تلال شديدة الإنحدار وتوجد هنا وهناك خلجان رملية صغيرة شكلتها الوهاد المنحدرة من الجبال وخطوط ساحل الخليج متعرجة يبلغ طولها أربعين مترا ويتراوح عمق القعر ما بين 20-35 قامة في الخلجان الصغيرة وعلى تلك الخلجان تقع قرى فلم،والحبلين،ومقاقة،ومنصل،وخور النجد ،وغيرها وجميعها لأبناء الظهوريين

وبالخروج من خور الحبلين والإتجاه شمالا نصل إلى (غبة الشابوص) ومن ثم نصل إلى خليج تقع عليه بلدة شيصة

وبلدة شيصة تقع مقابل جزيرة (أم الفيارين) أي أم الفئران ،وهي جزيرة صخرية يبلغ ارتفاعها ثلاثمائة وستين قدما وطولها ثلث الميل تقريبا وهي بموقعها هذا تبعد سبعة أميال شرق غبة الغزيرة

وتعتبر بلدة شيصة بداية للذراع البحري (رأس مسندم) حيث يشكل التقعر البحري خليجا يسمى (دوحة شيصة)

وإذا إتجهنا شمالا نصل إلى مدينة شريات ثم إلى رأس غبة الهندي المعروف ب(قبر الهندي) ، وقبر الهندي أسطورة محلية عن هندي مات في سفينة ودفن هناك ،وكلما إتجهنا شمالا انتصبت دوننا جبال وعرة حتى نصل إلى رأس مسندم الشهير

وقبالة رأس مسندم تقع مجموعة من الجزر هي (جزر الباب) و (أبو راشد) و (مخبوق) و (جزيرة الغنم) و (جزيرة سلامة) و (رأس مسندم) وهذا هو الجزء الذي انفصل عن الأرض الغارقة التي هبطت في البحر ففصلت جبال الظهوريين عن جبال زاجروس . وبين هذه الجزر يرتفع الجبلان المعروفان باسم (كسير و عوير) وهما جبلان ناتئان من وسط البحر و قد ورد ذكرهما في المصادر العربية القديمة ،كما ورد ذكرهما في مثل شعبي يقول :(كسير وعوير…..واللي ما فيه خير ) ويضرب هذا المثل في اجتماع قوم لا خير فيهم و لا يسفر اجتماعهم إلا عن التعاسة والبؤس لاغير

فإذا عدنا إلى ساحل منطقة رؤوس الجبال من ناحية الغرب فإنه ينحدر بنا بعد المرور بغب علي ليصل إلى بلدة نظيفي ،وليعود بعدها إلى التقعر ثانية نحو الداخل ليشكل خليجا يعرف بخور الشم وهو الذي كان الأجانب يسمونه (خليج الفنستون) وعلى هذا الخليج يقع عدد من القرى والمدن أشهرها قانه ونظيفي

ومدخل خليج الشم ضيق إلى حد ما حيث لا يزيد على 400 متر وتقوم الجبال على جانبيه على شكل حائط رأسي ارتفاعه ألف متر تقريبا ، وفيما وراء هذا المدخل الضيق يتسع الخليج نظرا لوجود تكوينات لينة من الصخر والحجر الرملي تعود للعصر الترياسي

وبالإتجاه جنوبا نصل إلى مدينة خصب حاضرة الظهوريين في الماضي والحاضر ،عند خور ووسط جروف رأسية من الحجر الجيري وإلى الخلف منها توجد بساتين النخيل التي تنمو في التربة الخصبة و تملأ قاع الوادي وغالبا ما تروى بواسطة مياه الآبار العذبة التي يحفرها الظهوريين قريبا من الشاطىء على بعد كيلو متر واحد عنه ومن ثم نخترق بعد ذلك الجبال المحيطة بخصب ناحية الغرب ولنحط الركاب في منطقة عرقبات والتي يمتلك أهلها أراض وبساتين في بخا والجادي ومن ثم نصل إلى وادي لو والجدة وفوفلة في غمضاء ويمتلك الظهوريين أراض زراعية وبساتين النخيل في غمضاء، ومن ثم جدة سل اسطام ،ولنهبط إلى قعر وادي شعم حيث يوجد منطقة عامرة آهلة غامرة في القدم، ولنصعد إلى منطقة الحريف ونتجه إلى منطقة السي ومن ثم إلى رأس السكان لنعود في خط رملي إلى دبا الحصن

عند أطراف هذا الخط وداخله شمالا وجنوبا وشرقا وغربا تقع ديار أبناء قبيلة الظهوريين لا ينازعهم منازع ولا يشركهم شريك إلا إذا وجد من اشترى منهم قطعة أرض أو بستان نخيل ممن جاورهم من القبائل

كما يسكن أبناء قبيلة الظهوريين في جزيرة لارك وفي الفجيرة ووادي مدحة ووادي سهم وغيرها من المناطق كجزر طنب وفي إمارة عجمان والشارقة

وبهذا الموقع الإستراتيجي الطبيعي المحكم للمنطقة التي يسكنها أبناء الظهوريين ،جعلها من المواقع ذات الأهمية العالمية قديما وحديثا

هذه الأهمية شملت المجالات الإقتصادية والسياسية والعسكرية وبالتالي فإنها قديمة قدم التاريخ نفسه منذ أن حاول الإسكندر المقدوني في عام 350 قبل الميلاد أن يسيطر على تجارة الشرق وحتى الأطماع الأوروبية التي حذت حذو الإسكندر المقدوني وعرفت الأهمية التجارية للخليج العربي واتخذت من مدخله قواعد عسكرية على شكل سفن حربية تجوب تلك المياه بهدف التحكم بباب الدخول والخروج في الخليج العربي

ويبلغ ارتفاع الجبال الوعرة التي يقطنها أبناء الظهوريين حوالي 1800 متر فوق سطح البحر وتطل في الجانب الساحلي منها على مضيق هرمز ويبلغ سمكها أكثر من1500 متر وقد تعرضت للتعرية لمدة طويلة فحولتها إلى صخور وحواف رأسية مسننة

ويؤكد العلماء أن هذه الجبال هي جزء من سلسلة جبال الألب والهمالايا التي تمتد من أوروبا حتى الصين ،لذلك فإنها تختلف في جيولوجيتها عن الصخور الأخرى الموجودة في شبه الجزيرة العربية

إذ يحدثنا علماء الجيولوجيا بأنها جبال إلتوائية وعرة شديدة الإنحدار ،كانت تشكل قديما سلسلة جبلية واحدة مع جبال زاجروس ولكن وبسبب هبوط حدث في القشرة الأرضية في منطقة فم الخليج العربي آلت إلى ما هي عليه، وتتألف هذه الجبال من صخور جيرية تنتمي إلى عصرين جيولوجيين هما الجواري والكريتاسي

وتتعرض هذه المنطقة لتيارين حاملين للأمطار أحدهما يأتي من البحر الأبيض المتوسط والثاني من المحيط الهندي ،لذلك فإن سقوط الأمطار غير منتظم فالتيار القادم من البحر المتوسط يتلاشى أحيانا قبل الوصول إلى المنطقة،فينتج عن ذلك جفاف غير طبيعي وبالتالي تتعرض لدورات متكررة من الرطوبة و الجفاف أي تمر فترات تتساقط فيها الأمطار ثم فترات جفاف وربما تكون طويلة لا تغذي الآبار الجوفية فتشح المياه،وبالتالي فإن حجم التغذية يتغير من صفر في بعض الأعوام إلى كميات كبيرة نسبيا في أعوام أخرى

نخلص أخيرا إلى أن أبناء قبيلة الظهوريين إما أهل بحر أو أهل جبل وذلك بحكم جغرافية المنطقة التي يعيشون فيها فمن المناطق التي يغلب عليها طابع الأزقة البحرية مثل المناطق المطلة على مضيق هرمز حيث شبه جزيرة مسندم إلى السهول الضيقة بين الجبال والتي تستغل للزراعة كما في سل أعلى وسهل خصب ومن الجبال الصماء الحادة المسننة إلى سفوح جبلية تصلح للرعي والزراعة كما في سفح سل اسطام

والحقيقة أن هذه المنطقة والتي تحدها مسطحات مائية ثلاث فخليج عمان في الشرق ومضيق هرمز في الشمال والخليج العربي في الغرب هي شبه جزيرة في شبه الجزيرة العربية الأم

عن مسندم

شاهد أيضاً

الظهوريين و القواسم

يرتبط الظهوريين بالقواسم برباط يعود إلى ماضي القرون التليدة وذلك من خلال الروابط السياسية والإقتصادية …